إلى اي حد نحن مسؤولون؟
في الأيام العادية، ندرك جيدًا قوانين الحياة الأساسية ونمارس حياتنا بناءً عليها، مثل أن المنافسة حتمية وأن الحياة ليست عادلة دائمًا. نعلم أن الصداقات الحقيقية نادرة، وأن الحب قد لا يكون متبادلًا، و ان أسلوب الحياة الصحي يتطلب جهد دائم، و ان الأعمال لا تؤدي نفسها بل تتطلب الجهد والمثابرة. ولكن المعايير تختلف تمامًا عندما نكون بالقرب من أطفالنا؛ نحن نتجاهل هذه الحقائق تمامًا ونعتقد أنه يمكننا جعل حياتهم أقل صعوبة في أي وقت أردناه، وأنه إذا قمنا بدورنا على أكمل وجه، فلن يواجهوا أي تحديات أبدًا.
خصوصًا أنه في بداية حياتهم يكون من المتطلبات الأساسية أن نلبي جميع احتياجاتهم الأساسية من غذاء وحب وأمان وغيرها. ولكن أتساءل: إلى أي مدى تتجه هذه المسؤولية؟ هل أي خطأ سيصادفهم سنعتبره فشلًا من جانبنا؟ هل أي ألم يشعرون به سنراه نتيجة لقصورٍ منا؟ هل من شدة حبنا لهم سنسعى لتغيير قوانين الحياة الطبيعية من أجل حمايتهم؟ هذا الشعور المفرط بالمسؤولية يؤدي بنا إلى الشعور بالذنب المستمر. نشعر أننا لسنا آباء جيدين بما فيه الكفاية، ونلوم أنفسنا لأننا نؤمن بفكرة جميلة ومؤثرة لكنها غير منطقية: أننا نملك القدرة الكاملة لجعل أطفالنا سعداء، آمنين، ضاحكين، متبسمين دائمًا.
ولكن يجب أن نعترف بأننا، رغم كل جهودنا، لا يمكننا التحكم في كل ما يواجهه أطفالنا. ولأن الحياة مليئة بالتجارب التي، سواء كانت جيدة أم سيئة، ستساعدهم على النمو والتعلم. و أن دورنا هو ليس إزالة كل عقبة من طريقهم، بل أن نكون بجانبهم ونعلمهم أساسيات التعلم والتأقلم مع متغيرات الحياة. خصوصًا أن الحياة في زمنهم ستكون مختلفة تمامًا عما نعيشه اليوم، ولكن دائما تبقى القواعد الأساسية للحياة، ثابتة.
في النهاية، تقبل فكرة محدودية قدرتنا يمكن أن يخفف من شعورنا بالذنب ويمنحنا مساحة أكبر لنكون بشرًا ونركز أكثر على تقديم الحب والدعم، ونثق في قدرة أطفالنا على مواجهة الحياة بطريقتهم الخاصة، والاستفادة من التحديات لبناء شخصياتهم وقوتهم الداخلية.